سمراااء بنت الخيال ـ وتذر كحل عينيها قصائدا
لدي غيوم من الأسئلة، لأمطر بها قلبي، و أحشوها في وسادتي، ثم أجعلها تستغرق في السبات بانتظار سياسي يخرج إلينا على الهواء ليجيب عنها، لكني في الصباح وبينما أتصفح القنوات الليبية أتعثر بظلي، و أتذكرهم بوجوههم المخلوعة عن الشعور بنا، أقدد الإجابات على مقاسي...
قبل أن يلفظ هذا العام أنفاسه قابلتك ؛ كان المطر كريما كأنت ،و كنت كما الشمس المطلة في خجل من شرفة السماء ، بدا طلاء أظافري الأصفر مثل شهقة دفء ، اجتاحت شراسة هذا الزمن الآسن ، ساد اللون الاسود بيننا ، فكلانا كان قادما من أزمنة خاسرة و مهترئة ، مزقت أشرعة...
لا أعلم أية مسيرة يرومها سؤالي إلى عينيك ، أية كلمات يدخرها لك في جعبة الحنين ،؟ ليفرغ ثمار الصبر من أعماق الوجد المُحمل فوق قدرات القلب ، لا أعلم من أين ترفل حكايات الشوق ، لتجر خلفها ذكريات الماضي المعبأة برائحة أحاديثك الشائقة ، لا أعلم متى سيسكب الوطن...
يأتيك صوتي عبر الأثير ، أنا قادمة على جناح غيمة ، يشغل بالها قبالة أية نافذة ستتوقف ـ وتكمل حديثها معك ؟ أتمدد في ذاكرة الليل ، حنينك يقطع حبل الوجد في روحي ، أشتقت إليك ، إلى باحات الصلاة فوق ترابك ، إلى أبراج اليمام المسالمة ، إلى حقول الرمل الرابضة...
جنوب عينيك شامة سمراء وحيدة ، تتوحد الليل متغزلة في ملامحه المجهولة ، إنها شامة فزان الوحيدة ، جنوب شفتيك تفاحة العشق ، تستدير كواحة ترتع بين أحضانك ، يشرأب لها عنق الوطن ، المتعطش لعذوبة ماء شفتيك ، تلك واحاتك المغمورة في طيبة الرمل ، المنسية في قاع...
طال بك الغياب ، أيها الأسمر المندثر بدثار الصمت ، القابع في سكون الصحراء المهيب ، الساكن في وريد الوطن ، مخطوف أنت من مذاق الفرح ، مبعد عن عيون الوطن ،متوحداً ليله ، مشتعلاً في نهاره ، صاخباً في نزفه ، باكيا حتى بلغ النحيب أنين الرمل اللافح فوق سيمياء...
فاء الفيء تلقيني وحيدة لأحضان الوحدة ، و زاي ماء الزهر تحملني برائحته الرائجة نحو جنوب وريدي النازف من شريان الوطن ، و ألف أُلفاك آلفت العزلة دون حدود وجهك المرتسم فوق تلال الرمال ، أيها النون المحصورة بين عين عروقي ، و ياء سكوني ، طالت بك حبال الغياب...
نثيث كلماتي مطرٌ يتهاطل ليرسم فسيفساء من زخَّات عشقٍ أسطورية ، تعانق رحم ترابك ، تتغلغل إلى مسامات جلدك ، تتسرب قطرات ٍتسقي عطش روحك للوطن ، لوئام تعقده مع قلبك ، لصلحٍ ملامحه مُرتَقة بوشم السلام ، روحك التي فقدت السكينة ، منذ أن اغترب وجهك عن روح الوطن...
سأغزلُ بالدمع حباتٍ لؤلؤيةٍ، تنظم من عقد القصائد أهازيج فرحٍ ليبية، أنا الواقفة على بيت القصيد... متجردة مني ـ لا من الشعر ـ صاعدة الروح فوق مؤتلق العذوبة، وماء النثر ـ متى بلغتُ ذروة المدى أعدتُ تصفيف الكلم في زخات الحلم، ورفعتُ رفَّات الهواء نحو نجوم...